أهميـّة الهدف في حياة الإنسان:
لعلَّ أقدس قضية يُمكن أنْ يضعها الإنسان نصب عينيه خلال مسيرة حياته المحدودة في هذه الدنيا هي التعرُّف على الهدف النهائيّ من إيجاده وخلقه. فتشخّص الهدف ووضوحه من أهمِّ مُيسِّرات السلوك إليه وبلوغه. والّذي يملك هدفاً في حياته تراه أقدر على ترتيب أولويّاته وتنظيم حياته وتركيز مجهوده. والّذي لا يعرف الهدف من وجوده في هذه الدنيا أشبه بشخص تائه في صحراء فسيحة، لا تزيده كثرة السير فيها إلّا ضياعاً وتعباً، ثمّ مصيره إلى الهلاك في نهاية المطاف. أمّا الّذي يعرف هدفه فمثله كمثل شخص يسلك طريقاً طويلاً وشاقّاً، ولكنّه يرى بصيص النور في آخره فتراه يتعجّل بلوغ هذا النور الّذي هو الخاتمة السعيدة ببلوغ نهاية الطريق.
إنّ أهمَّ ما يُميِّز مسيرة الأنبياء عليهم السلام عن غيرهم من البشر هو وضوح الهدف أمامهم بنحو لا يشوبه شكّ أو غموض. ولذلك ترى منهم هذه القَدَم الراسخة في السير نحو الله عزَّ وجلَّ، فلا يهزُّهم اعتراض المعترضين ولا كيد الكائدين. هم يتوجّهون إلى هدفهم بفؤاد يُردِّد دائماً وأبداً: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ1. وهذه القَدَم الراسخة والثابتة تجدها أيضاً في أتباعهم على مرِّ التاريخ. ولا يوجد أيُّ منهج غير منهج الأنبياء والمرسلين عليهم السلام يستطيع أنْ يورث الإنسان الوضوح في الغاية والطريق.