عصام بكار موسس المنتدى
عدد المساهمات : 29907 نٍقـآإطٍـِـِ/يٌ ||~: : 86702 السٌّمعَة : 61 تاريخ التسجيل : 09/12/2009
| موضوع: صاحب الدعاء كاسب على كل حال الإثنين يونيو 20, 2011 1:07 am | |
| ها هي أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هي أيام العشر تحل لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفي فيما مضى، إخوة الإيمان العشر الأخيرة من شهر رمضان سوق عظيم يتنافس فيه العاكفون، وموسم يضيق فيه المفرطون، وامتحان تبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا.. طالما تحدث الخطباء، وأطنب الوعاظ، وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي.. ويستجيب لهذا النداء الحاني، والموعظة المشفقة قلوب خالط الإيمان بشاشتها، وآذان أصغت للمنادي واستقر في روعهما أنه لا يريد إلا الخير ليس إلا.. فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الركع الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، ويجزي العاملين المخلصين، وما ربك بظلام للعبيد. أما الفئة الأخرى فتسمع النداء وكأنه لا يعنيها، وتسمع المؤمنين يتضرعون لخالقهم، وكأنه ليس لهم حاجة إلا ملء البطون والتفكير في الفروج.. وياليت شعري والمأساة أعظم أن هؤلاء نائمون قائمون.. فهم في عداد النائمين، إذ لم يشهدوا مع المسلمين صلواتهم ودعاءهم وهم في عداد القائمين المضيعين لأوقاتهم والمزحين لفراهم بالقيل والقال والسهر الذي لا طائل من ورائه، ولا نفع يرجى من خلاله، إلا من رحم الله. فهل يتأمل الشاردون في غبنهم، وهل يعيد المفرطون الحساب مع أنفسهم ومع خالقهم، ونحن بعد في مستهل هذه العشرة التي ضمنها الله – تعالى – ليلة: العبادة فيها خير من العبادة فيما يزيد على ثلاثة وثمانين عاما، وربك – تعالى – يقول: { (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر: 3].
وكم هي نعمة أن يتخفف المرء في هذا الشهر من الذنوب والأوزار التي لو كان لها جرم لما أطاق الإنسان حملها لثقلها، ولو كان للذنوب رائحة لزكمت الأنوف لشدة نتنها “ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”. هكذا يقول المصطفى – صلى الله عليه وسلم -، والذي يحتسبون على الله قيام ليالي العشر لابد وأن يدركوا هذه الليلة، فهي في العشر الأواخر، وهي في الأوتار أحرى وآكد. وفي الليل سواء كان في رمضان أو غيره – ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً من أمور الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، ولكم هو وقت النزول الإلهي، ومنه الثلث الأخير من الليل، يقول المولى جلَّ جلاله في هذه الساعة: هل من سائل أعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟.. فأين أنت يا عبد الله عن هذا المورد العظيم، وإذا غلبتك نفسك في سائر العام أفلا تغلبها على الأقل في هذه الليالي والأيام. إذا كان قيام الليل أعظم ما يرجى وأزكى ما يقدم في هذه العشر منحة قربات حري بالمؤمن أن يتقدم بها لمولاه في هذه الليالي والأيام الفاصلة.. فذكر الله على كل حال سياج من الشيطان ودرع واق للإنسان، ويكفي أن يعلم أن مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت.. ويرحم الله أمواتا رغبوا لأنفسهم الموت وهم بعد أحياء، ويرحم الله أمواتا إذا ذكرهم الناس ذكروا الله وإن كانوا أجداثا في قبورهم فليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
فلا تمت نفسك أخي المسلم بالغفلة عن ذكر الله وأنت بعد على قيد الحياة. وبادر باغتنام هذه العشر لمزيد ذكر الله والأنس به: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد: 28]. ومن رحمة الله أن فضل الذكر عظيم وهو لا يكلف المرء عناء، وبإمكان المرء أن الله قائماً أو قاعداً أو على جنبه. فلا يستحوذن عليكم الشيطان. وحذار أن يخسيكم الشيطان ذكر الله والباري يقول في محكم التنزيل: {\اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ّ} [المجادلة: 19].
وليس يخفي أن الإكثار من تلاوة القرآن، والسنن النوافل والصدقات، وصلة الأرحام، والعمرة، ونحوها من القربات، تحسن في كل حال، ولها ميزتها في مثل هذه الأيام
والدعاء هو سهام الليل يطلقها القانتون، وهي حبل ممدود بين السماء والأرض يقدره حق قدره المخلصون هو الربح ظاهرا بلا ثمن، وهو المغنم في الدنيا والآخرة بلا عناء، هو التجارة الرابحة يملكها الفقراء كما يملكها الأغنياء على حد سواء، يتفاوت الناس في هذه العبادة بين مقل ومستكثر، بين حاضر القلب، وشارد الذهن، بين خاشع متأمل لما يقول وبين قاس القلب لا يتأثر ولا يلين وهو طريق للفلاح في الآخرة، وهو سبب من أسباب السعادة في الدنيا بإذن الله ذلكم هو الدعاء، بل هو العبادة، كما قال – عليه الصلاة والسلام – : “الدعاء هو العبادة” . قال الله – تعالى – : {$ّقّالّ رّبٍَكٍمٍ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } ّ [غافر: 60]. فالآية في بدئها تسمية الدعاء، وفي نهايتها أطلق عليه العبادة، مما يؤكد لك أهمية الدعاء، وكونه هو العبادة.
وإذا كان الله يصف الراغبين عن الدعاء بالاستكبار كما في الآية السابقة، فاعلم أخي المسلم – إن ليس شيء أكرم على الله من الدعاء، كما أخبر بذلك المصطفى – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن. يا أخي أترغب أن توصف بالعجز والكسل، وهل علمت أن المقصر في الدعاء من أعجز الناس بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – : “أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام”. لقد أمر الله المسلمين بالدعاء ووعدهم بالاستجابة، وهل بعد ذلك من كرم، فال أكرم الأكرمين: { (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. لكنها الاستجابة المشروطة بالاستجابة لله والإيمان به، وهذا وذاك طريق الرشد وسبيل الخير {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة: 186].
وهل علمت أن الدعاء وتعليمه يأتي في مرتبة تالية للصلاة للداخلين في الإسلام فقد كان الرجل إذا أسلم علمه النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات “اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني وعافني وارزقني” وكان – عليه الصلاة والسلام – يقول في فضل هذه الدعوات: إنها تجمع الدنيا والآخرة. وهل علمت أن صاحب الدعاء كاسب على كل حال إذا لم يدع بأثم أو قطيعة رحم، وتأمل جيدا هذا الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – : “ما على الأرض مسلم يدعو الله – تعالى – بدعوة إلا أتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نكثر (يعني من الدعاء) قال – صلى الله عليه وسلم – : الله أكثر”. وحاصل ذلك أن الداعي لا يعدم أحد ثلاثة أمور، إما أن يستجاب دعوته عاجلا، أو تدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من السوء مثلها. وهذا أو ذاك لاشك فضل عظيم ومنة من الله يمتن بها على عباده الداعين.
فإذا عرفت فضل الدعاء وأهميته فينبغي أن تعرف أن للدعاء آداباً وسنناً، تخفي على كثير من الناس، ومعرفتها والعمل بها سبب في استجابة الدعاء بإذن الله. فمن آداب الدعاء أن يبتدأ الداعي دعوته بحمد الله والثناء عليه والاعتراف بتقصير العبد وحاجته إلى الله، وقد سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال – صلى الله عليه وسلم – : “لقد سألت الله – تعالى – بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب”. وفي رواية: “لقد سألت الله باسمه الأعظم. بما هو أهله وتأمل في دعاء ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب له. وإذا كان هذا الثناء على الله في بدء الدعاء، فمن آداب الدعاء وسننه كذلك أن نختمه بالصلاة والسلام على الرسول – صلى الله عليه وسلم -، فقد جاء في الحديث لا يزال الدعاء معلقا بين السماء والأرض حتى يصلي الداعي على الرسول، فإذا صلى رفع الدعاء. وفي صحيح الجامع “كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي – صلى الله عليه وسلم -”. فهل تعمل بهذا الأدب في الدعاء في البدء والنهاية إن ذلك أرجى للقبول وأدعى لفتح أبواب السماء. ومن سنن الدعاء أن يختار الداعي الأوقات الفاضلة، والأزمنة الشريفة، كيوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، والثلث الأخير من الليل، ووقت الأسحار، وبين الأذان والإقامة، ودبر الصلوات. وقد سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : أي الدعاء أسمع؟ قال: “جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبة”.
ومن آداب الدعاء – بل هو من أهم الآداب – حضور القلب وخشوعه لله ومعرفة ما يدعو به، فإن الغافل اللاهي تتحرك شفتاه بالدعاء وقلبه مشتغل بأمر آخر وأنى لهذا الدعاء أن يصعد للسماء، والحق يرشدنا إلى هذا الأدب ويقول: {\ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [الأعراف: 55]. ويصف حال طائفة من المؤمنين فيقول عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} [الأنبياء: 90]. ومن آداب الدعاء وسننه أن يستقبل القبلة ويكون على طهارة، فذلك أقرب للقول وإن لم يكن ذلك شرطا لازما فيمكن أن يدعو المرء على كل حال وفي أي اتجاه كان لكن إن تيسر له الاستقبال وكان على وضوء فهو أولى وأحرى. ومن آداب الدعاء أن يعزم الداعي الدعاء، ويوقن بالإجابة، فلا يقول مثلا: اللهم اغفر لي إن شت، أو ارزقني إن رغبت، فإن الله لا مكره له، بل يعزم المسألة، ولا يخامره شك في الاستجابة واضعا ذهنه أنواع الاستجابة المعملة أو الموكلة أو دفع السوء والمكروه، كما تقدم قال سفيان بن عيينة – يرحمه الله – : لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه، فإن الله – تعالى – أجاب شر المخلوقين إبليس إذ {قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ } [الأعراف: 14 - 15].
ومن آداب الدعاء عدم التكلف في الدعاء، وخفض الصوت، وتكرار الدعاء ثلاثا والإلحاح في الدعاء، والدعاء في الرخاء إذ هو سبب لقبول الدعاء في حال الشدة والضر، وقد ورد في الحديث: “من سره أن يستجيب الله – تعالى – له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء”. هذه أبرز آداب الدعاء، ويبقى بعد ذلك أمر مهم وهو معرفة موانع الاستجابة للدعاء ليتجنبها. ومن أبرز أسباب عدم قبول الدعاء المطعم الحرام والملبس الحرام، ورد في ذلك خبر الأشعث الأغبر الذي لا يزال يسأل! ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له الحلال يستجب الله دعاءكم. ومن موانع الاستجابة: الاستعجال في الدعاء والتوقف عنه والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي”. وفي رواية لمسلم قيل يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: “يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر من يستجب لي فيستخسر عند ذلك ويدع الدعاء”. ومن موانع الاستجابة في الدعاء الاعتداء في الدعاء والزيادة عن المشروع، والله - )تعالى – يقول: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [الأعراف: 55]. وكم من دعوة بلغت عنان السماء وصاحبها خاشع لا يكاد جاره يسمع به لكن قلبه مرتبط بالسماء وشفتاه وقسمات وجهه تعبر عن صدق التضرع والالتجاء وكم من داع علا صوته وأسمع من حوله.. ولكن دعوته لم تتجاوز حدود مكان الدعاء، ولم يؤذن لها اختراق الحجب، بسبب اعتداء صاحبها أو تفريطه في الذنوب والمعاصي وعدم إقباله على الله بصدق وإخلاص وتوبة نصوح. وأخيراً: يبقى أن تعلم أخي المسلم – أختي المسلمة – نماذج من الدعاء، حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تكرارها أو أوصى أحد أصحابه بالدعاء بها، فهي عون لك بإذن الله، وهي في عداد جوامع الدعاء التي ينبغي الحرص عليها وتكرارها، ومن هذه الأدعية الجوامع: “اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك”. وعلم أبا بكر أن يقول في الصلاة: “اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم”. قال الإمام النووي: وهذا الدعاء وأيه كان ورد في الصلاة فهو حسن نفيس صحيح فيستحب في كل موطن، وقد جاء في رواية (وفي نيتي). وفي صحيح البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه – قال: كان أكثر دعاء، النبي – صلى الله عليه وسلم – : “اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”. زاد مسلم في روايته قال: (وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه). ومن الأدعية التي ينبغي الإكثار منها: يا ذا الجلال والإكرام، فقد ورد: “ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام”. والمعنى الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها.
وجاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال يا رسول الله: أي الدعاء أفضل؟ قال: “سل ربك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة”، ثم أتاه في اليوم الثاني فسأله فقال له مثل ذلك، ثم أتاه في اليوم الثالث كذلك فقال له مثل ذلك وقال: “فإذا أعطيت العافية في الدنيا وأعطيتها في الآخرة فقد أفلحت”. ومن جوامع الدعاء ما علمه النبي – صلى الله عليه وسلم – عائشة – رضي الله عنها – : “اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله وأعوذ بك من الشر كله.. وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار… وأسألك خير ما سألك به عبدك ورسولك محمد – صلى الله عليه وسلم – وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك… وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا”. ومن رحمة الله بنا وسعة فضله علينا في الدعاء أنه لا يعجل بإجابة الداعي على نفسه أو ولده أو ماله بالشر في حال الضجر والغضب وضعف النفوس، وذلك لعلمه – سبحانه – أن ذلك غير مقصود منا، وإنما هو التفريج عن الشدة التي نجدها أحيانا في نفوسنا، فنظن أننا نفرغها بالدعاء على أنفسنا وأموالنا وأولادنا. بعكس ذلك في دعائنا بالخير فهو يستعجل الإجابة لنا، ويعطينا سؤلنا أو يدخر لنا خيرا منه في أخرانا. ولكم معاشر المسلمين فضل من الله وإحسان.. ويأملوا في حقيقة ذلك في قوله – تعالى – : {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [يونس: 11]. ومع ذلك فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من الدعاء على نفسه أو ولده أو ماله، مهما ضجر أو غضب، فالعاقبة وخيمة كما قال – عليه الصلاة والسلام – : “لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم”. قال مجاهد في تفسير هذه الآية: “وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ” وهو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه (اللهم لا تبارك فيه والعنه، فلو سجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم). | |
|
الملكة [ كبار الشخصيات ]
عدد المساهمات : 1747 نٍقـآإطٍـِـِ/يٌ ||~: : 7246 السٌّمعَة : 250 تاريخ التسجيل : 11/06/2011 العمر : 39
| موضوع: رد: صاحب الدعاء كاسب على كل حال الثلاثاء يونيو 21, 2011 2:29 pm | |
| | |
|