أنت مسئولة عن سلامتك في الحمل وسلامة جنينك أيضا، فهناك ممارسات خاطئة تهدد صحتك وصحة جنينك أثناء فترة الحمل، وتجعل احتمال إنجاب طفل من ذوى الاحتياجات الخاصة كبيرًا .. أبحاث الآن أكثر وأكثر أثبتت أن العوامل الوراثية ليست فقط هي ما يحدد الطباع المزاجية للطفل، ولكن الأهم هي البيئة التي توفرها الأم لجنينها وهو ما زال في رحمها.
بالإضافة إلى الغذاء المتوازن الذي يحتوى على كل العناصر الغذائية والفيتامينات التي تحتاجها الأم وجنينها، وبالإضافة إلى حرصها على ممارسة الرياضة المناسبة للحمل مثل المشي أو تمارين ما قبل الولادة، فإن الحامل تحتاج أيضاً لملاحظة حالتها النفسية. فالتعرض للكثير من المشاكل الأسرية - خاصة مع شريك العمر- يؤدى إلى إفراز هرمونات معينة تضر بصحتها وتمر إلى الجنين من خلال المشيمة لتؤثر سلبا على تكوينه، وبالتالي تعرض الطفل للقلق والضغط النفسي مستقبلا.
هذا ما أكدته د. "جانيت ديبيترو" -أخصائية النمو- بقولها: «إن الجنين يستجيب للحالة النفسية السلبية للأم والتي تؤثر بدورها سلبياً على حالته هو النفسية».
النكد الزوجي وصحة الحامل
أوضح الأخصائيون في مستشفى "جايز وسانت توماس" بلندن، أن مشكلات الخصوبة والحمل ترتبط ارتباطا وثيقا بالنكد الزوجي. وكثيرا ما يدور التساؤل بين السيدات عن تأثير العصبية الزائدة والتقلبات المزاجية والعاطفية علي صحة الحامل، وعن مدي تأثير ذلك علي الأطفال بعد الولادة، وتجيب على هذه التساؤلات دراسة حديثة أجريت علي 97 سيدة حامل في الأشهر الثلاثة الأخيرة للحمل لمعرفة تأثير التقلبات النفسية والعصبية، وأسفرت تلك الدراسة عن أن السيدات اللاتي كانت نسبة بعض المواد الكيميائية مرتفعة لديهن بالدم ـ والتي تدل علي تعرضهن للإجهاد العصبي والنفسي خلال شهور الحمل ـ كن أكثر عرضه للإصابة بارتفاع نسبة السكر في الدم, مما يؤكد أن الاضطرابات النفسية والعصبية والمزاجية لدي السيدات أثناء الحمل تؤدي إلي الإصابة بسكر الحمل.
ولاحظ الأطباء بأن الزوجة غير السعيدة في زواجها، تعاني أكثر في حملها، خاصة إذا كان الزوج لا يدعمها عاطفياً. بل ربما تقودها هذه المعاناة إلى الإجهاض، فالضغط النفسي هو أحد الاحتمالات التي تسبب الإجهاض، ومن المعروف أنَّ الضغط النفسي يؤدي إلى إفراز عدة هرمونات من الدماغ، من بينها هرمون crh، وهو هرمون يحث هرمونات أخرى على الإفراز، كما يفرز في المشيمة والرحم لدى الحامل لانطلاق عملية الانقباضات عند الولادة.
لكن الجديد في الموضوع أن مراكز أخرى في الجسم غير الدماغ تفرز هرمون crh وهرمونات الضغط النفسي التي تستهدف الخلايا البدينة بشكل خاص، وهذه الخلايا تحتوي على موصلات وهرمونات التهابية، وتكثر هذه الخلايا في الرحم أثناء الضغط النفسي، ومع الإفراز الموضعي للهرمون crh تنفجر الخلايا البدينة وتنطلق الموصلات الالتهابية التي تسبب الإجهاض.
مجمل تأثير الانفعالات النفسية على الأم الحامل :
1. القيء والغثيان المستمر أثناء الحمل.
2. اضطرابات في إفراز الغدد الصماء في الدم، ينشأ عنها اضطرابات سيئة في حياة الأم الحامل والجنين نفسه.
3. الإجهاض المتكرر نتيجة الصراعات النفسية.
4. الولادة المتعسرة أو الولادة المبكرة.
5. القلق النفسي الذي يتمثل في: الأرق. العصبية المستمرة. فقدان الشهية.
6. الاكتئاب النفسي البسيط: الحزن. الرغبة في البكاء. الإرهاق النفسي والجسدي. الدموع المنهمرة بدون سبب واضح.
7. الاكتئاب النفسي الشديد: الرغبة في التخلص من الحياة، الإحساس الشديد باليأس والرغبة في الانتحار، الإحساس بالألم النفسي، عدم القدرة على التركيز أو العمل.
8. مرض الفصام: هلوسة سمعية وبصرية. اعتقادات خاطئة. كلام غير مترابط. أفكار اضطرابية ضد المحيطين ولاسيما الزوج. عدم الاهتمام بمسئوليات الأسرة. الحقد على الزوج.
النكد الزوجي وصحة الجنين
تنعكس العلاقات الأسرية السيئة، وما يرتبط بها من صراعات بين الزوجين على الحالة الصحية للجنين، أيضا يتوقف اتجاه المرأة الحامل نحو حملها على حالتها الانفعالية أثناء الحمل. إذ يلاحظ أن المرأة التي تكره أن تكون حاملاً لكراهيتها للزوج، تكون أكثر ميلاً إلى الاضطراب الانفعالي الذي يصاحبه في العادة نوع من الغثيان والتقيؤ.
وقد يؤدي الاضطراب الانفعالي ـ في بعض الحالات ـ إلى الولادة المبتسرة أو غير الناضجة التي قد تحدث قبل أن يتم الجنين فترة الحمل بالكامل داخل بطن أمه، مما يجعله يخرج إلى الحياة وهو على غير استعداد لها. بل وبسبب هذه التوترات النفسية التي تعاني منها الأم، يتعرض الجنين لقدر كبير من الشدة والعناء داخل الرحم، وكذلك أثناء خروجه إلى الحياة. ومثل هذا الوليد يكون وزنه في الغالب أقل من وزن الطفل الطبيعي الذي يولد في موعده.
ونتيجة للولادة المبتسرة، أو لنقص وزن المولود، أو لاستخدام الآلات في مساعدة الوليد على الخروج من بطن أمه .. يكون هناك احتمال كبير لإصابة مثل هذا الوليد بالخلل العقلي. وقد يعاني من صعوبات كلامية ونقص في التآزر الحركي، وتطرف النشاط، إما بالزيادة أو بالنقصان، فضلاً عن الصعوبات المرتبطة بعملية ضبط الإخراج. ومن نتائج ذلك أيضاً الإصابة بحالة التشتت، وعدم التركيز الذهني، مما يؤثر على النمو التعليمي للطفل.
ويؤكد الباحثون على أنه إذا تعرض الجنين داخل الرحم إلى ضغوط نفسية مستمرة، فالأغلب أنه سيكون طفلاً عصبياً، تهدئته صعبة، لا ينام بسهولة، وربما يعانى من نشاط مفرط، وقد يعانى أيضاً من نوبات مغص.
فالأم عندما تتعرض لضغط نفسي أو قلق أو اكتئاب فإن حركة الجنين تصبح أكثر نشاطاً وأقل استقراراً، وكلما زاد الضغط النفسي كلما أصبحت حركة الجنين أقل استقراراً لأنه بدلاً من أن يهنأ بنوم هادئ وآمن تقوم هرمونات التوتر التي تدخل له من خلال الرحم بإزعاجه.
النكد الزوجي عدو الذكاء
ترتبط الناحية العقلية للوليد بالجوانب النفسية، حيث يرث المولود ابتداء ذكاء من يحمل سماته من والديه أو أجداده. ولذلك يقال إن الطاقة العقلية الوراثية تأتي مع الطفل، أو هي الطاقة الولادية الموروثة عن الجهاز العصبي، والتي تحددها الجينات ثم تتولى البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل بعد ذلك تنميته وتدريبه، وما ينجم عنه من نمو وتطور عقلي.
وهذا النمو يسمى «الذكاء» وهذا الذكاء تختلف معدلاته من بيئة إلى أخرى، تماماً مثل البذرة التي تغرس في أرض طيبة، وتسقى بماء عذب، فإنها تنبت وتعطى حصاداً طيباً، بينما بذرة أخرى مشابهة لو غرست في أرض سبخة، وسقيت بمياه ذات ملوحة مرتفعة، فإنها لا تعطي حصاداً مشابهاً.
وكذلك الحال بالنسبة لعقلية الطفل الذي يوجد مع أبوين متفاهمين يكرسان كل أوقاتهما لابنهما، ويساعدانه في دراساته، وفي استثمار أوقاته ونشاطاته بصورة إيجابية، بينما طفل آخر يعيش مع أبوين متشاكسين يفضلان إزجاء أوقاتهما بعيداً عن النكد المنزلي وعلى حساب القدر من الرعاية الذي يحتاجه طفلهما .. ومن هنا فإن ذكاء الطفل الأول ينمو ويرتفع ويتقدم وتتعدد أبعاده، بينما ذكاء الطفل الثاني يخبو ويتقدم ببطء شديد.