ثابت بن قيــــــس .. الخطيب المفوه

- ثابت بن قيــــــس .. الخطيب المفوه .. -

إنه سيد من سادات الخزرج، وشريف من شرفائهم حباه الله بصفات كثيرة لم تكن تجتمع في رجل واحد وكان من أبرزها وأعلاها حسن منطقه ولباقة حديثه.
فلقد كان ثابت جهر الصوت، خطيبا مفوها كاتبا وشاعرا فصيحا عليما بمقامات الكلام, قواما بالكلمة الفاضلة.
حباه الله عز وجل لسانا قؤولا وقلبا عقولا ومنطقا بليغا، يدرك ما يقول في بيان الكلام, ويعرف مكان المقاتل في ضرب الجسام فلقد خاض عددا من المعارك في الجاهلية التي كانت دائرة بين قومه الخزرج وبين الأوس وكان أخرها يوم بعاث حيث شارك بلسانه وسنانه في تلكم المعارك ولكن الله عز وجل أكرم الأوس والخزرج. ووحدهم تحت كلمة الأنصار فكانوا أنصارا لرسول الله ومؤيدين خلص ومؤمنين أكارم.
يمشي ثابت بن قيس ذات يوم في طرقات المدينة فيشم رائحة غريبة, ما تعودت أنوفهم, لكنها رائحة ذكية تنعش النفوس وتشرح الصدور، فإذا به يجدها تنتشر في خواصهم، كلما انتقل من مكان إلى أخر يجدها قد سبقته إليه، ما عهد ثابت قبل ذلك أن تشم أنفه ذلك العبير النفاذ وهو من ترك في أحضان المدينة بين أهله عشيرته من الخزرج ولكن مر بهذه الطرقات كثيرا ولم يكن لها هذا الشذا وهذا العبير الفواح تساءل ثابت في نفسه.. يا ترى من أين يأتي هذا العبير من بيت كذا أو كذا. فهم علية القوم وشرفاؤهم ولكن ما كان ذلك يملأ جنبات المدينة وطرقها وكأن عطرا نثر على هذا الثري وتساءل ثابت ثانية من أين يأتي هذا العبير. ولم تدم حيرته كثيرا فلقد سمع همهمات وهمسات تلاحق ذلك العبير تستقبلها أذنه, فإذا بالخبر أنه ذلك الفتى الذي نزل بالمدينة فكلما تكلم خرج من فمه الطاهر ذلك الريح الطيب والعبير الآخذ، كلما تنقل من دار الى دار سارت خلفه الريح تحمل عبير دعوته وصدق نيته، قال ثابت بن قيس ومن أين هذا الفتي؟ قالوا إنه من مكة قال: وما كنيته، قالوا: مصعب بن عمير، قال: وأين هو الآن؟ وبأي دار نزل؟ قالوا: أنه عند ذلك الفتى .. عند أسعد بن زرارة.
وكان اللقاء بين غرة فتيان قريش بل وأوفاهم بهاء وجمالا وشبابا لؤلؤة أهل مكة صاحب العطر المميز الذي زاده إيمانه جمالا الى جمال وعطرا إلى عطر ونورا إلى نور وجهه. إنه مصعب الخير إنه مصعب بن عمير الذي حباه الله فطنه في عقله ولباقة في حديثه وحكمة في تصرفاته وصبرا وحلما وأناة فكان حقا مصعب الخير.
جلس ثابت إلى مصعب وقال: هاتي ما عندك، فقرأ عليه مصعب آيات من ذلك الكتاب الخالد .. من القرآن الكريم.
فقال زدني: فقرأه، ولك أن تتخيل هذه الدرر، هذه اللآلئ تنساب من فم صادق بصوت عذب وقلب مخلص, ماذا تصنع؟ لقد أصغي لها ثابت بقلبه وسمعه. فأثرت معاني القرآن وروعته لبه وفؤاده وما لبث أن شرح الله صدره للإيمان. فانطلق ينطق بالشهادة لا اله إلا الله محمد رسول الله.
· وكان نصرا جديدا لهذه الدعوة أن تضم إليها رجلا مهابا وسيدا في قومه في ذات الحين يصل عبير هذه الدعوة الى أم ثابت "كبشة بنت واقد" وكانت ذا عقل وافر حكمة وروية فلم تمهل نفسها إلى حين وأسلمت هي الأخرى فكانت ذرية بعضها من بعض.
· ويجود القدر على ثابت مرة ثانية فتسلم فتاة من فتيات الحي ذات حسن وبهاء لما سمعت بهذه الريح تهب في أرجاء المدينة ونواحيها فتبدل حال أهلها وتزينهم بزينة الإيمان فتسلم حبيبة بنت سهل .. لتكون زوجة لثابت بن قيس ليبدءا مشوارهما الإيماني ورحلتهما مع السعادة. ولما حانت لحظة الرحيل وأذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. بالهجرة من مكة الى المدينة كان في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم، ثابت بن قيس بن شماسي ولقد خطب ثابت بن قيس في مقدم رسول الله خطبة بليغة دونها التاريخ بحروف من ذهب فلا تزال تتلألأ عبر التاريخ.
· يقول أنس رضي الله عنه خطب بن قيس مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الجنة)، قالوا: رضينا.
· ما أعظم هذه الكلمات التي تعد على أصابع اليد الواحدة لقد لخصت رسالة هذا الدين. مع ما تحمله من المعاني السامية للإيمان، إنه الرجل يقرر بلا تردد, ويعطي صفقة يده بلا تلكؤ:
· نمنعك يا نبي الله .. مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا.
· نمنعك يا نبي الله .. فنسكنك ديارنا وننزلك منازلنا.
· نمنعك يا نبي الله .. فنبذل لك أموالنا وثمارنا.
· نمنعك يا نبي الله .. فنعادي من عاداك ونوالي من والاك.
· نمنعك يا نبي الله .. نبذل في نصرتك أنفسنا ودمائنا.
· نمنعك يا نبي الله .. وترمينا الدنيا كلها على قوس واحد.
· نمنعك يا نبي الله .. ونحن صادقون، مخلصون، مؤمنون بصدق دعوتك.
· فمالنا .. إن نحن وفينا بذلك؟
· قال صلى الله عليه وسلم .. (الجنة).
يا سبحان الله، أي جنة يري ثابت وصحبه، أي دار مقامة يفارقون ديارهم من أجلها. أي نعيم يرون فينسلخون من أموالهم ونسائهم وأولادهم من أجله .. إن النبي صلى الله عليه وسلم. كان صريحا واضحا مجليا لهم أمره فلم يعدهم بملك قادم أو أرض يرثوها أو مناصب زعامة يتقلدونها فهذه ليس من بضاعته ولا من أدوات تجارته وكان ثابت وصحبه على مستوى هذا الفهم الراقي للإيمان.إنها الجنة رغم أنها غيب لا يرى, وبعيد ينتظر، ووصف تعجز العقول أن تدركه، إلا أن اليقين الذي يتجلي في أبهى صوره وأعلى مقاماته.
· قالوا: رضينا.
· رضينا بأن تكون لك أموالنا ولنا الجنة.
· رضينا بأن تكون لك ديارنا وأرضنا ولنا الجنة.
· رضينا بأن نفديك ودعوتك بأنفسنا وأهلينا ولنا الجنة.
ولقد وفى ثابت بن قيس لنبيه صلى الله عليه وسلم. فشهد معه أحد والمشاهد بعدها كما اتخذه صلى الله عليه وسلم خطيبا له لِما كان له من فصاحة وبلاغة, ففي عام الوفود وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وفد بني تميم, وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئنا نفاخرك, فائذن لشاعرنا وخطيبنا، فابتسم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: (قد أذنت لخطيبكم .. فليقل) وقام خطيبهم عطارد بن حجاب ووقف يزهو بمفاخر قومه فقال: (الحمد الله الذي له علينا الفضل والمن وهو أهله، الذي جعلنا ملوكا, ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف, وجعلنا أعز أهل الشرق, وأكثره عددا, وأيسره عدة فمن مثلنا في الناس, ألسنا رؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا, وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام, ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك .. أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا, وأمر أفضل من أمرنا.)ثم جلس.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماسي, (أخي بن الحارث بن الخزرج .. قم فأجب الرجل في خطبته), فقام ثابت, فقال: (الحمد الله الذي السموات والأرض خلقه, قضى فيهن أمره, ووسع كرسيه علمه, ولم يك شئ قط إلا من فضله, ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة .. واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمهم نسبا, وأصدقهم حديثا, وأفضلهم حسبا, فأنزل عليه كتابه, وأتمه على خلقه, فكان خيرة الله من العالمين. ثم دعا الناس الى الإيمان به, فأمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا وخيرهم فعالا وأحسن الناس وجوها، ثم كان أول الخلق إجابة, واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فنحن أنصار الله ووزراء رسوله).
[glint]
· إنه وصف دقيق وملم وشامل, وصادق، لخص الفكرة والحركة والتوجه في غير إسراف ولا خيلاء, إنها فراسة النبي صلى الله عليه وسلم. الذي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
· ولقد كان ثابت بن قيس مع فصاحته وبلاغته وحسن منطقه وعزوبة حديثه, يحمل قلبا خاشعا مخبتا. أوابا ورجاعا لله تعالى، كان يتحلى بالخشية من الله العظيم ويخاف من كل ما يغضب ربه ويسخطه. حتى أنه في يوم من الأيام يقول للحبيب صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أخشى أن أكون قد هلكت.
· ينهانا الله نحب إن نحمد بما لا نفعل, وأجدني أحب الحمد.
· وينهانا عن الخيلاء, وإني امرؤ أحب الجمال.
· وينهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا رجل رفيع الصوت.
· فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يا ثابت: (أما ترضى أن تعيش حميدا .. وتقتل شهيدا .. وتدخل الجنة). يا لها من بشرى عظيمة. جمعت خيري الدنيا والآخرة. يا لها من بشرى تجعل القلب يطير من مكانه رضا وفرحا وسرورا.

أما ترضى أن تعيش حميدا, وأي منزلة يريد صاحب المكارم في هذه الدنيا غير أن يعيش حميدا غير مذموم من الخلق أو الرب.
أما ترضى أن تقتل شهيدا, وأي درجة أرفع من هذه الدرجة درجة الشهداء فيكون في زمرة النبيين والصديقين. يغفر له مع أول قطرة من دمه, ويأمن الفزع الأكبر يوم القيامة وفوق ذلك تهب له الحياة أبدية، فإن أرواح الشهداء في حواصل طير خضرة تسرح تحت العرش.
أما ترضى أن تدخل الجنة, إنه الفوز الأكبر, والنجاح الأعظم: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
ولقد كان لثابت بن قيس موقفا نبيلا يوم بني المصطلق، لتصدق فيه بشرى النبي صلى الله عليه وسلم .. أما ترضى أن تعيش حميدا فكان في كل أحواله يقول: بلى يا رسول الله.
وها هم يقسمون السبايا يوم بني الصطلق, لتقع جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس. وكانت أمرآة جميلة بل أجمل الجميلات في قومها. بل هي أحسبهم وأنسبهم وبنت سيد قومها. تقول عنها عائشة رضي الله عنها: (كانت امرأة حلوة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه), وإرادات جويرية بنت الحارث أن تكاتب قيس بن شماسي على نفسها فلم تجد معها من المال ما يكفي فتذهب تستعين برسول الله صلى الله عليه وسلم على مكاتبتها فتقول: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لا يخفى عليك وقد وقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفس فجئتك استعينك على كتابتي،قال صلى الله عليه وسلم: (فهل لك في خير من ذلك قالت وما هو يا رسول الله قال: أقضي كتابتك وأتزوجك قالت: نعم يا رسول الله، قال: قد فعلت) وما أن سمع بذلك ثابت بن قيس حتى قال هي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي.
لقد شهد ثابت رضي الله عنه المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى بدر ولقد علمنا أن الحبيب بشره بالشهادة في سبيل الله بل وبشره بأنه من أهل الجنة.
ويوم قريظة كان لثابت بن قيس رضي الله عنه قصة طريفة مع أحد اليهود الذين وقعوا في الأسر, وحكم عليهم بالإعدام, وهو الزبير بن باطا اليهودي وكان الزبير قد منّ على ثابت بن قيس بن شماسي في الجاهلية في يوم بعاث, أخذه فجر ناصيته, ثم خلى سبيله, فجاءه ثابت يوم قريظة وهو شيخ كبير فقال يا أبا عبد الرحمن! كنية الزبير هل تعرفني؟
قال الزبير: وهل يجهل مثلي مثلك؟
قال ثابت: أني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي يوم بعاث.
قال: إن الكريم يجزي الكريم يا أبا محمد ـ كنية ثابت ـ، ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هب لي الزبير فإن له علىّ منة وأحببت أن أجزيه بها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (هو لك), فأتى ثابت بن الزبير وقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهب لي دمك فهو لك.
قال: الشيخ الكبير لا أهل ولا ولد, فما يصنع بالحياة!
فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستوهبه أهله وولده فقال صلى الله عليه وسلم لثابت: (هم لك)، فأتاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاني امرأتك وولدك فهم لك.
قال الزبير: أهل بيت الحجاز لا مال لهم .. فما بقاؤهم؟
فأتى ثابت رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله .. ماله؟! قال صلى الله عليه وسلم: (هو لك).
فأتاه ثابت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أعطاني مالك فهو لك.
قال الزبير بن باطا اليهودي: أي ثابت! ما فعل الذي كان وجهه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد - ملك اليهود؟
قال ثابت: قتل مع من قتل.
قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي حييّ بن أخطب؟
قال ثابت: قتل.
قال: فما فعل مقدمتنا إذا شددنا, وحامينا إذا كررنا, عزال بن شمويل؟
قال: قتل.
فقال: فما فعل المجلسان ـ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة؟
قال ثابت رضي الله عنه ذهبوا, وقتلوا وفرغ منهم, ولعل الله عز وجل يهديك.
قال الزبير: أسألك بالله وبيدي عندك يا ثابت إلا ما ألحقتني بالقوم فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير, فما أنا بصابر لله فتله, لو نضح حتى ألقى الأحبة.
فذكر ثابت رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة الزبير بن باطا فأمر به فقدمه ثابت فضرب عنقه، فلما بلغ أبا بكر الصديق رضي الله عنه قول الزبير ـ ألقى الأحبة ـ قال رضي الله عنه يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا فيها، وهنا أنشد ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه ـ في تلك الحادثة يذكر الزبير ابن باطا اليهودي فقال:
وفت ذمتي إني كريم وإنني صبور إذا ما القوم حادوا عن الصبر
وكان الزبير أعظم الناس منة على فلما شد كوعـــاه بالأســــــر
أتيت رسول الله كيما أفكـــه وكان رسول الله بحرا لنا يجـــــري

أما ترضى أن تقتل شهيدا:

كانت مقولة النبي صلى الله عليه وسلم لا تفارق ثابت أبدا في يقظته ونومه، تتردد على سمعه وفي قلبه، يطلب الشهادة في كل موطن يظن أنه سيدركها فيه يتلهف شوقا إلى ذلك اليوم الذي يلقى الله فيه شهيدا ولقد شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد بدر إلى أن جاءت حروب الردة في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقد أرتد من ارتد من شبه جزيرة العرب حتى خاف الصحابة وخليفتهم أن تذهب دولة الإسلام .. فأخذ أبو بكر رضي الله عنه يرسل الجيوش ويعقد الألوية وكان ثابت بن قيس في مقدمة الصفوف يبلي بلاء حسنا يطلب الشهادة في مظانها فيوم أن أرسل أبو بكر رضي الله عنه جيشا لقتال طليحة بن خويلد وقد تجمع له قوة كثيرة من بني أسد وغطفان وعبس وذبيان. كان على رأس الجيش خالد بن الوليد وكان في مقدمة الأنصار ثابت بن قيس بن شماس والتقى خالد بجيش طليحة في مكان يقال له (بزاخة), وقد انضم لطليحة عيينة في سبعمائة فارس من قومه "فزارة".
فأبلى خالد وجيشه بلاء حسنا وكان لابن الشماسي صولات وجولات وهزم الله جيش طليحة وفر هاربا ولكن بعد لم يدرك ثابت بن قيس بغيته ولم تتحقق أمنيته إلى أن زحف خالد بن الوليد بجيشه ناحية اليمامة لملاقاة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة الكافر الفاجر وكان على الأنصار ثابت بن قيس بن شماس يحمل راية الأنصار وكان قد تجمع لمسيلمة جيش كبير ولما تواجه الجيشان, قال مسيلمة لأتباعه وقومه قبيل المعركة الفاصلة اليوم يوم الغيرة إن هزمتم تستنكح النساء سبيات وينكحن غير حظيات, فقاتلوا على أحسابكم وامنعوا نساءكم واصطدم المسلمون والكفار فكانت جولة وانهزم الأعراب حتى دخلت بنو حنيفة خيمة خالد بن الوليد وهموا بقتل أم تميم زوجة خالد بن الوليد حتى أجارها مجاعة وقال نعمت الحرة هذه، ثم تزامر الصحابة بينهم وقال ثابت بن قيس بن شماس: بئس ما عودتم أقرانكم ونادوا من كل جانب أخلصنا يا خالد فخلصت ثلة من المهاجرين والأنصار .. وقاتلت بنو حنيفة قتالا لم يعهد مثله وجعل الصحابة يتواصون بينهم ويقولون يا أصحاب سورة البقرة بطل السحر اليوم وحمى الوطيس وقام أبو محمد خطيب الأنصار وحامل لوائهم ثابت بن قيس يلتمس بشرى النبي صلى الله عليه وسلم يوم قال له أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة.
يحكي أنس رضي الله عنه أن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة وقد تحنط ولبس ثوبين أبيضين فكفن فيهما وقد انهزم القوم فقال اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر من صنيع هؤلاء بئس ما عودتم به أقرانكم خلوا بيننا وبينهم ساعة وانضم إليه سالم مولى أبي حذيفة وكان يحمل راية المهاجرين وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين وأهالا الرمال عليهما حتى غطت وسط كل منهما وهكذا وقفا طودين شامخين وراحا يضربات بسيفيهما كم من يقترب منهما من جيش مسيلمة الكذاب حتى استشهدا في مكانهما. وكان لصنيعهما أكبر الأثر في ثبات المسلمين وحسن بلائهم وتفتيت جيش مسيلمة وهزيمته.

وهكذا نال ثابت بن قيس الشهادة مع ثلة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ممن تخرجوا من مدرسة الإسلام الأولى فتشربت قلوبهم مبادئه فعاشوا من أجلها ولها, فنالوا رضا الله سبحانه وتعالى ورضا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل ثابت بن قيس).

الله يعطيك الف عافيه
طرح جميل
ودي

كنت هنا /ابو المجد

أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالخير والعطاء
دمتم بخيروعافيه
ثابت بن قيــــــس .. الخطيب المفوه Fc4a6221dc38

موضوع رائع
وطرح جميل
ننتظر منك المزيد
حياك الله

أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالخير والعطاء
دمتم بخيروعافيه
ثابت بن قيــــــس .. الخطيب المفوه Fc4a6221dc38

» ذو الشهادتين الصحابي خزيمة بن ثابت رضي الله عنه وارضاه